السؤال
السلام عليكم ورحمة الله،،،
أنا أعاني من أشياء كثيرة، توقفت حياتي من بعد الدراسة حيث تركتها ل7 سنوات بسبب خوفي من الإغماء في كل مكان وخصوصا في المدرسة، كنت أخاف من الفصل والوقوف بالصفوف وقت الصباح طويلا، ومن وقت الاختبارات كنت أحب أجلس بالكرسي الأخير ويكون موازيا للجدار، والسبب خوفي إلى الآن لما رأيت صديقتي يغمى عليها في الفصل بمرض كانت تعاني منه، بعدها تغيرت حالتي بعد ما كنت متفوقة في دراستي ومحبوبة عند الكل، أما الآن فلقد أصبحت بلا دراسة ولا عمل، وعندما يسألني كل من يعرفني لماذا تركتي دراستك؟ أتهرب من السؤال وأقول أنا ما أحب الدراسة، والعكس صحيح يا دكتور أنا أحب الدراسة، وكان لي طموحات كبيرة، وكنت أطمح بأن أصير دكتورة يوما من الأيام، ولكن للأسف لم يتحقق ذلك، وعندما أسمع أو أرى صديقاتي وبعضا من أقاربي نجحوا وحققوا طموحاتهم أبكي، وأنا الآن محطمة داخليا، لا أحب الجلوس مع أناس متفوقين، وأحب الوحدة كثيرا، والصمت لوقت طويل.
وأخيرا يا دكتور ” أنا لاشيء في الحياة ” هذا تفكيري! فقدت الأمل.
وشكراً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غلا نجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الخوف من الإغماء في الساحات المدرسية هو أحد المخاوف المعروفة، خاصة وسط بعض الفتيات، وهذا نسميه بقلق الساحة، وهو أيضًا يحمل صيغة من صيغ الخوف الاجتماعي، لأنه يحدث في موقف اجتماعي، وهذا النوع من المخاوف قد يأخذ أيضًا الطابع الوسواسي، بمعنى أن الخوف وإن لم يكن موجودًا في حقيقته، لكن يظل فكرة مرتبطة بالتفكير مما يترتب عليها المزيد من القلق والمزيد من المخاوف.
هنالك علاجات دوائية ممتازة جدًّا تعالج هذا النوع من المخاوف، وكذلك علاجات سلوكية، مع ضرورة التفكير الإيجابي وتغيير نمط الحياة.
العلاج الدوائي الأمثل هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو (لسترال) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بتناول الدواء بجرعة نصف حبة ليلاً لمدة عشرة أيام، يفضل تناول الدواء بعد الأكل، بعد ذلك ارفعيها إلى حبة كاملة لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين في اليوم، يمكن تناولها كجرعة واحدة مساءً أو أن تُقسم الجرعة إلى حبة في الصباح وحبة في المساء، وتستمرين على هذه الجرعة – أي مائة مليجرام في اليوم – لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم إلى نصف حبة لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
الزولفت هو من أفضل الأدوية التي تعالج المخاوف خاصة من هذا النوع، وهو دواء سليم، دواء فعال، غير إدماني، لا يؤثر على الهرمونات النسائية، وفي نفس الوقت هو مضاد للوساوس، كما أنه محسن كبير للمزاج؛ مما يساعدك إن شاء الله لأن تخرجي من حالة الإحباط والانعزال التي أنت فيها الآن.
الدواء لتتحصلي على فعاليته وأثره الإيجابي الكامل لابد أن تلتزمي التزامًا قاطعًا بالجرعة حسب ما وصفناها وللمدة المحددة والمقررة، وأطمئنك أن الدواء لا يحتاج لوصفة طبية، ويمكن الحصول عليه مباشرة من الصيدليات.
الجوانب العلاجية الأخرى هي أن تحقري فكرة الخوف، وأن تعرفي ما حدث لصديقتك ليس من الضروري أن يحدث لك أبدًا، فكل إنسان له كينونته وله تركيبته النفسية والجسدية والفسيولوجية، وبهذه الطريقة إن شاء الله تتخلصين من هذا التأثير، أي تأثير ما حدث لصديقتك عليك، وهذا نسميه بالتأثير الإيحائي.
من العلاجات المهمة جدًّا هي أن توسّعي من دائرة أنشطتك الاجتماعية، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، انخرطي في الأعمال الخيرية الاجتماعية، زوري أرحامك، تواصلي مع صديقاتك، هذا إن شاء الله يُخرجك من حلقة الانغلاق على الذات ويجعلك أكثر إقدامًا وقبولاً للتواصل مع الآخرين، ومن ثم يزول عنك إن شاء الله الرهبة والخوف يتحسن مزاجك لدرجة كبيرة جدًّا.
تغيير نمط الحياة أيضًا يجب أن يشمل تطوير المهارات، المهارات في الأعمال المنزلية، المهارات في مساعدة الآخرين، المهارات في إدارة الوقت بصورة جيدة، هذه كلها أمور تساعد الإنسان كثيرًا.
عليك أيضًا بتطبيق تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة معروفة جدًّا في مثل حالتك، وللتدرب على هذه التمارين يمكنك أن تتواصلي مع أخصائية نفسية لتدربك على هذه التمارين، وإن كان هذا غير متاح أو صعب المنال فيمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت، وسوف تجدين برامج كثيرة جدًّا عن تمارين الاسترخاء وكيفية تطبيقها.
إن شاء الله تعالى تكونين من المتفوقين، وليس هنالك ما يدعوك للشعور بأنك محطمة داخليًا، فأنت أمامك فرصة عظيمة في الحياة بأن تتحركي وتفكري بصورة إيجابية، وأنت في بدايات سن الشباب حيث الطاقات النفسية والجسدية، ونحن مُقدمون الآن على موسم الخيرات على شهر رمضان الكريم، نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان، هذه فرصة عظيمة جدًّا لأن يجدد الإنسان إيمانه، وأن يحرص في عباداته، وأن يكون دائمًا في معية الله، وبذلك تطمئن القلوب والنفوس.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.