يتبع ....
تعامل رسول الله مع الأنصار
لا شك أن أهم مجموعة عند رسول الله هي مجموعة المسلمين، إذ إنها عصب الدولة الإسلاميّة، وهم الذين على أكتافهم سيقوم الصرح الضخم الهائل لأمة الإسلام.
أول طائفة من المسلمين كانت طائفة الأنصار، وهم من أسلم من أهل المدينة من قبيلتي الأوس والخزرج، وهؤلاء هم أهل المدينة الأصليين الذين استضافوا رسول الله والمهاجرين في المدينة المنوّرة، وقدموا تضحيات كبيرة جدًّا لإيواء المسلمين مع كل المخاطر التي واجهت الأنصار في تطبيق هذا العمل العظيم.
كان الأنصار في المدينة المنوّرة ينقسمون إلى قبيلتين كبيرتين، هما قبيلتا الأوس والخزرج، وكانت قبيلة الخزرج تفوق الأوس عددًا (ثلاثة أضعاف تقريبًا)، لكن المشكلة الكبرى التي واجهت الرسول هي أن العلاقة بين القبيلتين كانت في منتهى الشراسة قبل الإسلام، كانت في منتهى العنف، آثار الدماء لم تجفّ بعد من سيوف هؤلاء وهؤلاء، والحرب التي قامت بينهم حرب مشهورة جدًّا في التاريخ إنها حرب بُعاث، وكانت قبل بيعة العقبة الأولى بسنتين فقط، وكان على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يصهر القبيلتين الأوس والخزرج في كيان واحد ليدافع عن المدينة المنوَّرة، ويحل مشاكل المدينة المنوّرة، ويقف مع رسول الله وقفة رجل واحد، يقف الأوسيّ إلى جوار الخزرجيّ، لا يتذكر أي ثأر كان بينه وبين إخوانه من القبيلة الأخرى، وهذا أمرٌ في غاية الصعوبة في هذه البيئة القبليّة العربيّة القديمة.
كان اعتماد رسول الله على صدق إيمان الأنصار في التأليف بين قلوبهم، جمع الأوس والخزرج وذكّرهم بالله ، ووضح لهم أن الرابط الأساسي في هذا الدين الجديد الذي بُعث به هو العقيدة، وكل ما سوى هذا الرابط لا ينظر إليه مطلقًا.
ضرب رسول الله على هذا الوتر الحساس، ولصدق إيمان الأنصار (الأوس والخزرج) فقد تقاربت القلوب، فالإسلام يغيِّر تمامًا من تكوين الإنسان، يغير تمامًا من كل الدوافع التي كانت تحركه قبل ذلك، يرتفع بها إلى قوانين السماء، ويترك تمامًا قوانين الأرض الوضعية المادية؛ لأنها قوانين دنيا؛ لينتقل بعد ذلك إلى قانون السماء الرفيع.
نسي الأوس والخزرج كل العداوات القديمة، وتوحدوا معًا مع الرسول في خندق واحد، وهذه كانت أول خطوة قام بها رسول الله حتى قبل خطوة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
والغريب أننا نعرف في التاريخ جيدًا أمر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ولكن الكثيرين لا يعرفون أن رسول الله وحَّد بدايةً بين طرفي الأنصار (الأوس والخزرج)، ثم جاء بعد ذلك أمر المؤاخاة.
فكانت أول طائفة تعامل معها الرسول هي الأوس والخزرج، فقد وحَّد بينهم على أساس الدين.
تعامل رسول الله مع المهاجرين
كان وضع المهاجرين الاقتصاديّ قد أصبح في منتهى الخطورة، تركوا معظم أموالهم أو أموالهم كلها في مكة، تركوا الديار، تركوا الأهل، تركوا العشيرة، تركوا الذكريات، تركوا كل شيء وانتقلوا إلى بلدٍ جديد تمامًا، بل إن العديد منهم لم يزر المدينة المنوّرة من قبل، ولك أن تتخيل رجل ترك كل حياته وأعماله وتجارته وانتقل إلى حياة جديدة، وليس معه شيء، وانتقل إلى أرض جديدة ليست مألوفة بالنسبة إليه، وانتقل إلى فرع من القبائل لا يمتّ له بأي صلة، بالإضافة إلى أن المدينة المنوّرة كانت تعاني من الفقر، فالأنصار لم يكونوا من الأغنياء، ونحن نعتقد أنهم أغنياء لكثرة عطائهم، وإيثارهم، وبذلهم المال من أجل نصرة الله ورسوله، أما عموم الأنصار فقد كانوا من الفقراء، قلة من الأنصار فقط كانوا أغنياء.
أتى المهاجرون الذين تركوا كل شيء وراء ظهورهم، وحملت المدينة المنوّرة هذا العبء الضخم وهو إيواء مجموعة أخرى من البشر، فهم يعيشون حياتهم على الكفاف، وينفقون على أنفسهم أقل القليل، فكيف ينفقون على غيرهم؟!
كيف حلَّ رسول الله هذه المشكلة الاقتصادية الكبرى الضخمة التي ستواجه المدينة المنوّرة عند نزول المهاجرين إليها؟
كما أن الحالة النفسية أيضًا للمهاجرين لم تكن على ما يرام؛ إذ يحتاجون إلى تطييب خواطرهم لما تركوه في مكة من مال ومتاع.
احتوى رسول الله هذه الأزمة بمنتهى الحكمة، وتمكَّن رسول الله بالمنهج الرباني الحكيم، والوحي الذي أوحاه الله له أن يقرِّب المهاجرين والأنصار، ويجمعهم في بُوتقة واحدة، فقام رسول الله باتخاذ إجراءات سريعة لحل هذه الأزمة، وهي:
أولاً: التقريب بين المهاجرين والأنصار
أنزل الله I قرآنًا يتلى لحل هذه الأمور، لكي يتوحد المسلمون في كيان قوي، ولكي يرفع الله من معنويات المهاجرين، الذين شعروا بشيء من الذلة والضعف، نتيجة لتركهم أهلهم وأموالهم وذويهم، من أجل اعتناقهم هذا الدين الجديد، فيجب أن يعرف أنه مكرَّم ومعظَّم عند الله بسبب اعتناقه للإسلام، ولهذا أنزل الله على رسوله آيات رفعت من قدر المهاجرين، فالمهاجر أصبح يفتخر أنه مهاجر، والأنصاريّ أصبح يفتخر بأنه آوى مهاجرًا، انظر إلى كلام رب العالمين في كتابه الكريم: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران: 195].
ويقول ربنا I: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الحج: 58].
ويقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 20]، إلى آخر الآيات.
هذه الآيات وغيرها رفعت جدًّا من معنويات المهاجرين، وأصبح أمر الهجرة مدعاة للفخر، ليس هذا فحسب، بل وتهيئة للأنصار أيضًا، بل إن الله قال في سورة الحشر: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8]. هؤلاء هم المهاجرون، ثم يقول: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
إذن تسابق المهاجرون للهجرة، وتسابق الأنصار للنصرة y أجمعين.
هذا الأمر ليس موجودًا إلا في المنهج الإسلامي، فإذا نظرنا لحال اللاجئين في بقاع العالم المختلفة سنعجب كل العجب، فأيّ مجموعة من اللاجئين لأي ظرف من الظروف سواء كانت عسكريّة أو سياسيّة أو اقتصاديّة، عندما ينتقلون إلى بلد آخر يمثلون عبئًا ثقيلًاً على أهل هذه البلد، يشعر اللاجئون بذلة وضعف وهوان؛ لكونهم تركوا ديارهم وأرضهم وعشيرتهم وما يمتلكون، والدولة المضيفة تشعر بعبءٍ اقتصاديّ وعبء سياسيّ كبير جدًّا، والضغوط عليها من هنا وهناك، هذا الأمر لأنهم ليسوا مرتبطين برب العالمين I، والأمر في النهاية يعود إلى الإيمان، الأصل الذي تحدثنا عنه كثيرًا، والذي يُعدّ من أهم أصول بناء الأمة الإسلاميّة، بل هو أهمها على الإطلاق، انظر إلى كلام رب العالمين في سورة الأنفال:
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} أي المهاجرين، ثم يقول: {وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74].
ولهذا فإنه يستحيل بناء أي دولة إسلاميّة أو تشريع إسلامي بدون هذه الأصول، والقواعد التي تقوم عليها أمة الإسلام، وهي الإيمان بالله، والإيمان بالرسول، والإيمان بالبعث، وغير ذلك من القواعد التي تحدثنا عنها سابقًا.
وهكذا، كان أول ما قام به رسول الله بوحي من الله تعالى أنه هيَّأ الأنصار والمهاجرين لقبول فكرة ترك الديار في مكة، والانتقال إلى المدينة المنوّرة، وهو أمر صعب، لكن بفضل الله كانت قوة إيمان المهاجرين والأنصار كفيلة أن تطبق هذا المعنى، كما أراد الله رب العالمين I.
ثانيًا: الكفالة السريعة للمهاجرين
يجب أن يُهيِّئ رسول الله لهذه الأعداد الضخمة التي دخلت المدينة مأوًى ميسورًا، وكان حل هذا الأمر بطريقة عجيبة لم تتكرر في التاريخ أبدًا، وكان الرسول أول من بدء هذا الأمر، ولم نسمع عنه إلا في أمة الإسلام وهو: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، كانت تلك الفكرة عجيبة، إذ جمع الرسول المهاجرين والأنصار، وجعل كل واحد من المهاجرين أخًا لواحد من الأنصار، وجعل الأخوة في كل شيء حتى وصل الأمر إلى الميراث، فلو مات أحد المهاجرين ورثه أخوه الأنصاري والعكس، وقد تمَّ بعد ذلك نَسْخ حكم الميراث هذا، لكن في بداية الأمر كان هذا من مظاهر الأخوة.
من قصص المؤاخاة
وقد كان لهذا الأمر تطبيقات عمليّة كثيرة بعد ذلك في حياة الصحابة رضوان الله عليهم:
ومن أشهر القصص التي تذكر في هذا الصدد ما حدث بين سعد بن الربيع أحد الأنصار t - وهو من كبار الصحابة، ومن شهداء أُحد - وبين عبد الرحمن بن عوف المهاجريّ. كان عبد الرحمن تاجرًا في مكة، ترك كل شيء وأتى المدينة المنوَّرة بلا شيء؛ فقد روى البخاري أن سعد بن الربيع قال لعبد الرحمن بن عوف: "إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً، فَاقْسِمْ مَالِي نِصْفَيْنِ"[1].
ولك أن تتخيل ذلك، فإن سعد بن ربيع t كان واسع الثراء ولديه من الأموال الكثير، فلو أنه أعطى لعبد الرحمن بن عوف t 5 % أو 10 % من ماله لكان ذلك كثيرًا، ومع ذلك، فمن تجرده وحبّه الذي زرعه الله في قلبه لأخيه، وشعوره الكامل أن هذه الأخوة في الله هي الأخوة الحقيقيّة؛ لذلك فإنه يريد أن يقتسم ماله مع أخيه، فيقول له: اقسم مالي نصفين.
ولكي تتأكد من صعوبة هذا الأمر، تخيل أحد إخوانك يمرُّ بأزمة، ويحتاج منك مساعدة، تخيل أن لك رصيدًا في البنك، وكنت غنيًّا، ثم قسمت مالك هذا بينك وبين أخيك. هذا الأمر شاقٌّ صعب، ثم إن الأمر الأصعب، قال: "وَلِي امْرَأَتَانِ، فَانْظُرْ أَعْجَبْهُمَا إِلَيْكَ، فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُا فَتَزَوَّجْهَا"[2].
إن هذا لأمرٌ عجيب حقًّا!
أوَ يصل الإيثار لهذه الدرجة؟! يخيّره في الزواج من إحدى زوجتيه. لكن عبد الرحمن بن عوف t كان نبيل النفس، قال له: "بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي َأَهْلِكَ وَمَالِكَ، َأَيْنَ سُوقُكُمْ؟"[3].
يريد أن يعمل، يريد أن يأكل من عمل يده، ويكسب من ثمرة جهده، وخاصَّة أنه كان تاجرًا كبيرًا في مكة، وبالفعل دلَّه سعد على سوق بني قينقاع، فتاجر، وكثر ماله.
وهكذا كانت تلك المؤاخاة بين المسلمين مؤاخاةً حقيقيّة، لم تكن في المال والاقتصاد، والسكن فقط، بل يطمئن على أخيه في أمور الآخرة، كما يطمئن على أحواله في أمور الدنيا.
كما في قصة سلمان الفارسي t، عندما آخى رسول الله بينه وبين أبي الدرداء، وعلى الرغم من أن سلمان t لم يكن عربيًّا، بل كان فارسيًّا، إلا أن المؤاخاة عمقت العلاقة بين الاثنين؛ فمن ذلك أن سلمان الفارسي t زار أبا الدرداء t في بيته، فرأى أم الدرداء رضي الله عنها رَثَّة الهيئة، أي لا تعتني بنفسها جيدًا، وكان هذا قبل أن يفرض الحجاب، والرواية في صحيح البخاري، فقال لها سلمان: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. وفي رواية قالت: ليس له حاجة في نساء الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال له سلمان: كُلْ. فقال أبو الدرداء: إني صائم.
وهكذا وجد سلمان الفارسي أن المشكلة هي أن أبا الدرداء t منصرفٌ تمامًا إلى العبادة، في صيام وقيام، وترك أهل بيته، فهو على بوادر مشكلة حقيقيّة في بيته، مشكلة عائلية، فرّغ سلمان الفارسي t وأرضاه من وقته لإصلاح مشكلة أخيه، وبدأ يصلح عنده بعض المفاهيم التي كانت ستفسد حياته وحياة أسرته، وجلس معه، وقال له: كُلْ. وأقسم عليه أن يأكل ويفطر. فأكل أبو الدرداء، وأكل معه سلمان، فلما كان الليل أي أول الليل، ذهب أبو الدرداء يقوم، وكان قد اعتاد أن يقوم الليل كله، فقال له: نَمْ. فنام، لأنه ضيفه، ولا يريد أن يخالفه، ثم ذهب ليقوم، فقال له سلمان:نَمْ. فنام، فلما كان آخر الليل، قام سلمان فقال له: قُمْ الآن. فصليا من آخر الليل، فقال له سلمان: "إن لربك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا"[4]. وفي رواية أخرى قال: "إن لضيفك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه"[5].
ولكن أبا الدرداء t لم يقتنع كامل الاقتناع بما فعله معه سلمان، فذهب للرسول يشكو سلمان لأنه جعله يفطر، ولم يجعله يقيم الليل في هذه الليلة، كما يريد، فقال بعد أن ذكر له أبو الدرداء القصة، قال له: "صَدَقَ سَلْمَانُ".[6]
إن ما قاله سلمان صحيح، لا بد أن يكون هناك توازن في حياة المسلم، وهذا هو الحق والعدل.
وهكذا كان الفارسي المهاجري أخًا للعربي الأنصاري، يقدم له النصح، ويعينه على أمور دينه ودنياه، كان يدخل بيت أبي الدرداء، ويخاطب زوجته في حدود الإسلام، ويحل المشاكل التي بينها وبين أبي الدرداء t وأرضاه، وكذلك كان أبو الدرداء لا يتكلف شيئًا، لكنه جاء بشيءٍ من طعام البيت، وأعدَّه لسلمان، فأكل معه سلمان ونام معه في هذا البيت، ولانَ في يد أخيه سلمان على الرغم من أنه غير مقتنع بما يقوله؛ لأنه ضيفه في بيته، كل هذه الأمور تثبت أن الأخوة التي كانت بين الاثنين كانت أخوة حقيقيّة، لم تكن مجرد كلمات مكتوبة على الورق، بل حقًّا كان كلٌّ منهم أخًا صادقًا، ومرآةً لأخيه.
وما أجدرنا نحن أن نجرب هذه الأمور، ونقتدي بهؤلاء الصحابة الكرام، ونتعلم منهم حياة الأخوة الإسلاميّة الحقة، ونحيا بهذه الأخوة بيننا، تلك الأخوة التي بنيت عليها الأمة الإسلاميّة كلها، وسادت وقادت العالم بعد ذلك، فبغير هذه الأخوة لا تقوم أمة أبدًا.
ثالثًا: الأخوة في الله
أعطى رسول الله كمًّا هائلًاً من الأحاديث التي تحمِّس على الأخوة، وترفع من أجر الأخوة في الله، قال رسول الله : "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"[7]. وبذلك ربط الأخوة بالإيمان.
بل إنه قال في رواية مسلم عن أبي هريرة: "لاَ تَدْخُلُون الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ"[8].
وعلى هذا النسق أحاديث كثيرة تحثُّ على الإخاء في الله.
كان صحابة النبي من المهاجرين والأنصار يرجون بأخوتهم هذه الأجر والثواب من الله، فرفعوا في قيمة الأخوة بينهم، وبالتالي كان لها أثر فعال حقيقيّ واقعيّ في حياتهم.
لكن رسول الله رأى أن ذلك كله ليس كافيًا لتثبيت دعائم الأخوة في الدولة الإسلاميّة، وذلك أن الدولة ستواجه تحديات خطيرة لا يستقيم أبدًا أن يترك الأمر فيها للنفس. فلا بد من وضع قوانين ودساتير مكتوبة.
رابعًا: ميثاق الدولة الإسلاميّة
وضع رسول الله ما يعرف بالميثاق، وهو قانون مشهور وموجود في أكثر من رواية من روايات السيرة الموثقة، وفيه توضيح كامل للعلاقة بين المهاجرين والأنصار، وأصبح مثل أي قانون يطبق في أي دولة من دول العالم مُلزِم لجميع الأطراف، جاء في هذا الميثاق:
أولًاً: أنهم أمة واحدة من دون الناس. وفي هذا الأمر إذابةً كل الفوارق بين عموم المسلمين، وجعل المهاجرين والأنصار أمة واحدة.
ثانيًا: أن المهاجرين من قريش يتعاقلون بينهم. أي يدفعون الدية، بمعنى أنه إذا قتل أحد المهاجرين رجلًا، فعلى المهاجرين أن يجتمعوا لدفع ديّة القتيل، وهم يفدون عانيهم بالمعروف، بمعنى أنه لو تمّ أسر أحد المهاجرين فعلى المهاجرين أن يجتمعوا لدفع فدية هذا الأسير لفك أسره، وكل قبيلة من الأنصار يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منها تفدي عانيها بالمعروف والقسط بينهم. أي أن الرسول قد قسَّم أهل المدينة المنوَّرة (المجتمع المسلم) إلى عدة طوائف على أساس القبيلة، فالمهاجرون جميعًا من قريش يجتمعون معًا ليفدون عانيهم، ويدفعون الدية عن القاتل منهم. وكذلك كل قبيلة، يقسِّم الأوس إلى أكثر من فرع، ويقسم الخزرج إلى أكثر من فرع كما يقال: "القوم على مَعَاقلهم الأولى"، أي مثلما كانوا قبل الإسلام.
كل ذلك لأن المؤاخاة وحدها لا تستطيع دفع الديات وفك العاني، ويجب أن نلاحظ أن الدولة الإسلاميّة الناشئة ما زالت فقيرة، ولا يوجد لديها بيت مال بعدُ، ولا يوجد لديها ثروات تستطيع من خلالها أن تفك كربة المكروب، فكان من الواجب أن يجتمع المسلمون بهذه الطريقة على أساس القبيلة، لكي تتم أمورهم بيسر، فعلى الرغم من أن الإسلام يكره القبلية، والتحزّب على أساسها، إلا أنها في مواقف كهذه، وللتعاون على البرّ والتقوى، ومساعدة المحتاج تكون واجبة.
وهكذا لا ينبذ الإسلام القبلية بالكلية، وإنما يطورها في إطار الإسلام والشرع، فيجعلها في الأمور الاجتماعية الصعبة في المواساة والمؤاخاة، والتعاون على دفع الديات، وفك الكربات، والمساعدة في أمور المجتمع المختلفة، لروابط الرحم التي بين القبيلة.
وجعل رسول الله لذلك قانونًا يُكتب، ويُحدد، مما يجعله مفروضًا على كل القبائل، وليس العمل به من قبيل الخير أو الإحسان. ولا شك أن هذا القانون لا يمكن أن يطبق إلا إذا رسخت معاني الأخوة التي ذكرناها من قبل، لذلك فالتشريع الإسلامي كله لا يصح فيه أن نأخذ جزءًا ونترك جزءًا، فكل جزئية تكمل أمرًا ما، وفي النهاية يصلح هذا الشرع النهائيّ لإدارة الدنيا وإدارة الدين.
وهكذا أقر رسول الله مبدأ القبليّة في الفكر الإسلامي، ولكن بحدود، بمعنى أنه إذا اعتُدي على حرمات دولة من دول المسلمين فرض الشرع على أهل الدولة أن يدافعوا عن أنفسهم ولا يحتاجون إلى غيرهم، إلا إذا لم يقدروا على الدفاع عن أنفسهم، فيساعدهم الأقرب لهم، لكنه لا يفرض على دولة من المغرب أن تدافع عن دولة من أهل المشرق، إن كان أهل المشرق يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم. فهذا الوضع يقبله الإسلام، ويقبله أيضًا في أمور أخرى، كالزكاة مثلًاً لا تخرج الزكاة من بلد إلى بلد آخر، أو من قطر إلى قطر آخر حتى تكفي أهل هذا القطر، وهكذا. فإذا كانت القبيلة فقيرة ولا تستطيع أن تدفع الدية أو الفدية، يوضح رسول الله ذلك بالفِقْرة التالية: وأن المؤمنين لا يتركون مفرحًا بينهم (أي مديونًا) أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عَقْل. إذا كان على أحد من المسلمين دِيَّة، ولم يكن قادرًا على دفعها، فلا بد هنا أن يجتمع المؤمنون جميعًا لسدِّ دَيْنه، وليست قبيلة من القبائل فقط، وبهذا يكون المجتمع متماسكًا ومترابطًا.
ثالثًا: أن المؤمنين المتقين على من بغى منهم دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فسادٍ بين المؤمنين. أي أن المؤمنين يجتمعون على من بغى منهم أو طلب ظلمًا، أو أحدث إثمًا أو عدوانًا أو أحدث شيئًا بهم.
ثم يقول: وأن أيديهم عليه جميعًا، ولو كان ابن أحد منهم. هكذا، في الدستور الإسلامي يجتمع كل المسلمين على من ارتكب إثمًا أو فسادًا أو عدوانًا، بصرف النظر عن القبيلة التي ينتمي إليها.
ولا يقتل مؤمن مؤمنًا في كافر، ولا ينصر كافرًا على مؤمن. هذا الجزء من الدستور في غاية الأهمية، ذلك أن الدولة الإسلاميّة ستدخل في صراعات شتى مع قبائل كثيرة من القبائل المشركة، سواءٌ في داخل المدينة المنوّرة، أو في خارجها (قريش أو غيرها من الجزيرة العربية)، فإذا كان أحد المسلمين لم يسلم بعدُ أبوه أو أخوه، ودارت الحرب بين الفئة المسلمة والكافرة، وكان أخوه أو أحد أقربائه مع الفئة الكافرة، قد تتحرك فيه مشاعر الأخوة والدم إلى أخيه الكافر إن قتله أحدٌ من المسلمين؛ فينتقم منه. لذلك يأتي هذا القانون المهم، وذلك قبل أن يفرض على المسلمين القتال، قال: لا يقتل مؤمن مؤمنًا في كافر. وسنرى من الحروب التي ستدور في المدينة المنوّرة، ويحدث أن يقتل المسلمون الكافرين، فكيف يكون الأمر حينئذٍ؟ بل ويظهر من سياق الحديث أن المسلم لن يقتل الكافر بدون بغي أو ظلم، ولكن المقصود في الحروب الإسلاميّة التي ستحدث بعد ذلك، لا يقتل مؤمنٌ مؤمنًا في كافر.
وهناك بنود أخرى في الميثاق لعلَّ أهمها هذا البند الأخير:
قال : وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإن مردَّه إلى الله ، وإلى محمدٍ .
المصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي في الدولة الإسلاميّة هو الكتاب والسُّنَّة.
كان هذا هو الميثاق الذي وضعه الرسول لتنظيم العلاقة بين المهاجرين والأنصار، واحتواء أزمة المهاجرين.
خامسًا: الكفالة طويلة المدى للمهاجرين
لن يظل المهاجرون على حالتهم تلك، يأخذون من الأنصار دائمًا، ويكتفون ببقائهم عالة على غيرهم، لذلك سارع الأنصار -رضوان الله عليهم- إلى رسول الله أن يقسم بينهم وبين إخوانهم المهاجرين نخيل المدينة؛ لأن النخيل كثير، وهو من مصادر الدخل الرئيسية عندهم. ولكن رسول الله واقعي، رفض طلبهم هذا؛ لأنه لا يريد للأنصار أن يقدموا كل هذا العطاء العظيم، ثم يندمون بعد ذلك، فاقترح الأنصار عليه اقتراحًا آخر كفرصة لإعطاء المهاجرين دورًا في تنمية المجتمع الإسلامي، فقال الأنصار للمهاجرين: تكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة. فقال المهاجرون: اللهم نعم.
وبدأ المهاجرون يعملون في أرض الأنصار، ويقسمون الناتج بينهم، وبذلك تمَّ تفعيل دور المهاجرين داخل الدولة الإسلاميّة، لم يظلوا مجرد معسكرات لاجئين، بل أصبحوا عنصرًا فعالًاً في المجتمع.
سادسًا: إعطاء المهاجرين كل الحرية في المدينة
جاء القانون الأخير أن يكون للمهاجرين الحرية الكاملة في أن يفعلوا مثل الأنصار في المدينة، حرية التملك، وحرية الزواج، وحرية الدخول في مجالس الشورى، وحرية قيادة الجيوش، بل قيادة الدولة كلها، فقد كان رسول الله من المهاجرين، وكذلك كان خلفاؤه رضوان الله عليهم إلى أزمان بعيدة، بل إننا لا نعلم أنصاريًّا تولى خلافة المسلمين أبدًا.
رسخ هذا الأمر في أذهان الجميع، أعطيت لهم كل صلاحيات أهل البلد، وأصبحوا عنصرًا رئيسيًا من أهل البلد، فذابوا ذوبانًا طبيعيًّا داخل المجتمع المسلم، وخلال عدة أشهر فقط لم يكن هناك فرق بين أنصاريّ ومهاجريّ، بل أصبح كلٌّ منهم يدافع عن الدولة الإسلاميّة، وكلهم يدافعون عن المدينة كبلده وموطنه الأصلي، بل إن كثيرًا من المهاجرين بقوا في المدينة المنوّرة حتى بعد فتح مكة.
أمريكا تقرأ التاريخ الإسلاميّ
الجدير بالذكر أن هذه الأمور لها تطبيقات عديدة في واقعنا المعاصر، فإذا نظرنا إلى نشأة أمريكا مثلًاً، نجدها قد نهجت نفس ذلك النهج، وكأنها تقرأ التاريخ الإسلامي، وتعرف ما قام به رسول الله منذ أربعة عشر قرنًا، فمن يراجع تاريخ أمريكا يجد أن تعداد سكانها في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي لم يتجاوز 5 ملايين نسمة، في حين أنها الآن، وبعد مائتي سنة فقط تجاوز تعدادها الثلاثمائة مليون، وأصبحت قوة كبيرة وقاهرة، ولها أساطيل، وجيوش، ومصانع، ومخابرات؛ كل ذلك لأنها عملت بأمرين قام بهما رسول الله لتوحيد مسلمي الهجرة، وهما:
- التوحيد بين أفرادها، كما وحَّد رسول الله بين الأوس والخزرج، ثم بين المهاجرين والأنصار وجعلهم كيانًا واحدًا، كذلك قامت أمريكا بضم الـ 52 ولاية في دولة كاملة، برئيس واحد؛ فلا بد أن يعطيها هذا قوة.
- الأمر الآخر هو منح (تأشيرة سفر) لمن خارج أمريكا لكي يعيشوا في أمريكا، ويأخذوا كافة حقوق المواطن الأمريكي، ومع مرور الوقت تذوب الفوارق بين الشعوب، ويغدو أمريكيًّا مثلهم يدافع عن أمريكا كأنها بلاده، وهو ذو أصول ألمانية أو هولندية، أو غير ذلك.
مثل ذلك قام به رسول الله منذ مئات السنين، قام به ولكن بشكل حضاريّ راقٍ جدًّا، إذ لم يجعل الدافع للاختلاط والامتزاج بين الطوائف المختلفة في الدولة هو أمرٌ من أمور الدنيا، بل جعل مثوبته عظيمة في الآخرة والجنة الواسعة، بالإضافة إلى السعادة في الدنيا وسعادة الآخرة. فقد أراد الله لنا بهذا التشريع سعادة الدنيا والآخرة، أما التشريعات الأخرى فمن الممكن أن تحقق نوعًا من السعادة في الدنيا، ولكنها تشريعات منقوصة ولا تعقبها سعادة في الآخرة، كما أنها قد بنيت على الظلم والتعدي والقسوة.
وهكذا تم الحل لأزمة المهاجرين في المدينة المنوّرة، بل على العكس انتقلوا من كونهم أزمة إلى كونهم قوة للدولة الإسلاميّة.
المسلمون خارج الدولة الإسلاميّة
مهاجرو الحبشة
كان في الحبشة أكثر من ثمانين من المهاجرين المسلمين، وهم في بلد لا يظلم عند حاكمها أحد، ولكنهم في الوقت ذاته في بلدٍ لم تكن مؤهلة لإقامة دولة إسلاميّة.
فما كان من رسول الله إلا أن سارع بعدما شعر بالاستقرار في المدينة المنوّرة، سارع باستدعاء بعض مهاجري الحبشة، وليس كل المهاجرين؛ ليساعدوه في إقامة الدولة الإسلاميّة في المدينة، وليساعدوه في بناء هذا الصرح الهائل وهو الدولة الإسلاميّة، فهذا البناء يحتاج إلى طاقات كثيرة، ومع ذلك - في الوقت نفسه - لم يندفع اندفاعًا عاطفيًّا، واستدعاهم جميعًا؛ حتى لا يضيع وجود فرصة أخرى للمسلمين في الحبشة، فمن المهم أن يبقى عدد من المسلمين بعيدًا عن الخطر، حتى تكون الحبشة بمنزلة قاعدة أخرى للإسلام هناك، وخاصَّة أن قريشًا ستتربص للإسلام ولا شك، وكذلك اليهود، والقبائل المحيطة بالمدينة. أي أنه ما زال يحيط به العديد من المخاطر، ولهذا أبقى عليه الصلاة والسلام عددًا من المهاجرين في الحبشة إلى أن يستقر الوضع تمامًا، ويطمئن أن دولة الإسلام لا تستأصل، ولم يكن ذلك إلا بعد صلح الحديبية، في السنة السادسة بعد الهجرة، فعندما اطمأنَّ على أن الأمة الإسلاميّة لن تُستأصل أرسل إليهم.
المسلمون في القبائل البعيدة
فالمسلمون في القبائل البعيد في اليمن، وغفار، وأسلم وغيرها، أبقاهم رسول الله في أماكنهم؛ لأن كل واحد منهم كان مصدر إشعاع لمن حوله، يعمل في الدعوة إلى الله، يدعو قومه أو غيرهم، وهناك أماكن كثيرة لن يصل إليها رسول الله بنفسه، فيوصّلون هم دعوته إليها، فمثلًا الطفيل بن عمرو الدوسي t، من قبيلة (دوس) باليمن، تبعد نحو ألف كم، فكيف يصلهم رسول الله ، فجعل الطفيل t رسوله إليهم، وكذلك أبو ذر t في قبيلة (غفار)، وعمرو بن عبسة t يقوم بالدعوة في (أسلم) وهكذا، كل واحدٍ منهم في مكان. ومع مرور الوقت يكثر المسلمون في الأماكن المختلفة، فإذا جاء الوقت المناسب استدعاهم الرسول ، وزادت قوة المسلمين بشدة في المدينة المنوّرة بقدوم هؤلاء، وكان قدومهم في البداية يلفت الأنظار إلى المدينة المنوّرة، وقد يحفز الناس على استئصال المسلمين من المدينة المنوّرة بسرعة، وفي الوقت نفسه يقلّل من فرصة الدعوة في قبائلهم، فآثر رسول الله أن يُبقي الوضع كما هو بالنسبة لهم، حتى تستقرَّ الأوضاع، فاستدعاهم بعد صلح الحديبية.
المستضعفون في مكة
أما آخر طائفة فهي المستضعفون في مكة الذين ليس لهم حيلة، الذين أمرهم الرسول بالكتمان قدر المستطاع لا يعلنون إسلامهم، ولا يخرجون سِرَّهم حتى لا يُستأصلوا إلى أن يأتي الله بأمره. لم تحل مشكلة هؤلاء إلا بعد فتح مكة، وظلوا في مرحلة السرية طوال السنوات الثماني الأولى من العهد المدني.
هكذا كان تصرف رسول الله مع الطوائف المختلفة من المجتمع المسلم، وكان تصرفًا في غاية الحكمة، تبعًا لظروف كل طائفة.
د. راغب السرجاني
[1] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب إخاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار (3569).
[2] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب إخاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار (3569).
[3] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[4] البخاري: كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له (1867)، والترمذي (2413).
[5] رواه الترمذي (2413). وقال الشيخ الألباني: صحيح.
[6] البخاري: كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء إذا كان أوفق له (1867)، والترمذي (2413).
[7] البخاري: كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه (13). مسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير (45).
[8] مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون وأن محبة المؤمنين من الإيمان وأن إفشاء السلام سبب لحصولها (54)، وأبو داود (5193)، والترمذي (2688)، وابن ماجه (68)، وأحمد (10180).