السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة أعجبني موقعكم وأنا من متطلعيه الأوفياء.
أنا شاب في عمري 19 سنة، ابتليت بالعادة السرية منذ سن 14
والحمد لله قررت أن أقلع عنها بعد الاقتناع التام أنها محرمة ومضرة .
الآن أنا في شهر ونصف منذ إقلاعي عنهـا والحمد لله، لكن أعاني من نفسي الأمارة بالسوء -والحمد لله- أنا صامد، وخاصة نحن في شهر رمضان فهو فرصة ثمينة، أدعو الله تعالى أن يخلصني من العادة الخبيثة دائما، وأتمنى الاستجابة.
مشكلي الثانية: لا أملك الثقة في النفس! لعدة أسباب، وبالدرجة الأولى عائلية أثرت علي في الصغر، فتراني أتسبب في المشاكل مع الناس، وأحيانا أتكلم في فلان وأحيانا أفتري على ذاك، وأحيانا أكذب حتى على نفسي، بكل صراحة كرهت نفسي، مع أني ناجح في دراستي، وقلبي طيب يحن إلى الناس !
الناس من الجيران وغيرهم يذكروني بالخير، لأني أتميز بمكارم الأخلاق، ولأنني في الحقيقة أرخص عباد الله، لكن هذه هي نفسي فيها الكذب، والافتخار ... الخ من الصفات الذميمة التي أتمنى أن تزول، وأريد التوبة والاستقامة، أعلم أن الأمر صعب لكن بمساعدتكم سأصل إن شاء الله.
أثق فيكم كثيرا في تغيير مجرى حياتي.
وشكرا.
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ التائه الحزين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبًا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.
لقد أصبت أيها الحبيب حين أدركت أن رمضان فرصة ثمينة وغالية لتغيير السلوك والعادات، والأمر كذلك، ونسأل الله تعالى أن تكون فترة مناسبة لك لتغيير كثير من سلبياتك، لاسيما وأنت تتمتع بهذه الإرادة الماضية والرغبة الشديدة، وهذا دليل على إيمان في قلبك ورجاحة في عقلك، واستقامة في سلوكك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.
لا شك أيها الحبيب أن هذه العادة الخبيثة لها أضرارها الكثيرة على نفسك وعلى صحتك، وسنحيلك في آخر الاستشارة على بعض الأرقام لاستشارات سابقة تتطلع من خلالها على كثير من هذه الأضرار، التي تدعوك إلى تقوية العزيمة، وتمنحك مزيدًا من الإرادة والصبر في سبيل التغلب على هذه العادة، مع الأخذ بالأسباب الممكنة أيها الحبيب التي تعينك على تجنب هذه العادة.
من أهم هذه الأسباب الابتعاد عن المثيرات للشهوة، سواء كانت هذه المثيرات مرئية أو مسموعة أو غير ذلك، فجاهد نفسك في غض بصرك عن النظر إلى النساء وصورهنَّ، والابتعاد عن سماع الموسيقى.
كما أن من الأسباب أيضًا إدامة الصيام والإكثار منه إذا كنت قادرًا عليه، فإنه وجاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أي حصنًا وخصاء للشباب.
من الأسباب كذلك أيها الحبيب أن تملأ فراغك بالشيء النافع، وأن تمارس أنواع الرياضات، وأن تجتنب الخلوة بنفسك، لاسيما الخلوة التي تكون عند النوم، وإذا عملت بهذه الأسباب واجتهدت في الدعاء الذي أشرت أنت في سؤالك إلى إكثارك منه، إذا لجئت إلى الله تعالى بصدق واضطرار وسألته أن يعينك على تجنب هذه العادة فإنه سبحانه وتعالى سيتولى عونك.
أما عن الأخلاق الذميمة التي وصفت أنها كامنة فيك، فإن أول ما ينبغي أن تفعله أيها الحبيب أن توقن يقينًا جازمًا أن الأخلاق بإرادة أصحابها تتغير وتتبدل إن شاء الله مع توفيق الله تعالى، فإن الأخلاق كلها تؤخذ بالتخلق سواء منها السيئة والحسن، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا في أحاديث كثيرة، فالحلم بالتحلم والعلم والصبر بالتصبر، وهكذا، ولا ينبغي أبدًا أن يتسرب اليأس إلى نفسك أنك لا تستطيع تغيير بعض الأخلاق الذميمة فيك، وأنت ولله الحمد واضح من سؤالك أنك تتمتع بجملة كبيرة من الأخلاق الحسنة، وشهادة الناس لك بذلك وثناؤهم عليك بمكارم الأخلاق دليل على ذلك، ولكن ينبغي للإنسان أن يحاول أن يسعى لتكميل نفسه وتزينها وتجميلها بأحسن الأخلاق.
ومما يعينك على تجنب هذه الأخلاق السيئة كالكذب أن تتذكر أيها الولد الحبيب عواقب هذا الذنب وهذا الخلق، فإنه لا يحمل في طياته إلا كل سيئ، لا يجلب لك نفعًا، ولا يدفع عنك ضرًّا، ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحذر منه وإن رأى صاحبه فيه النجاة فإن فيه الهلاك.
فليس ثم فائدة من وراء الكذب، هذا بالإضافة إلى المساوئ التي يجنيها الإنسان من وراء وقوعه في هذا الخلق الرذيل، من أهمها أنه يكتب عند الله كذّابًا كلما أكثر منه، أي أن الله عز وجل يُظهر كذبه للخلق سواء الخلق على الأرض أو الخلق في الملأ الأعلى، فيُشتهر في الملأ الأعلى وعند الناس بأنه كذّاب، وكفى بهذا زاجرًا ورادعًا عن الاسترسال والتمادي في هذا الخلق الذميم.
كما أن هذا الخلق من الذنوب الكبيرة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه طريق إلى النار.
كلما تذكرت أيها الحبيب هذه العقوبات وهذه النهايات لهذا الخلق كلما قوي في نفسك الدافع، وقويت الرغبة والهمة في مكافحة هذا السلوك، ويقينك بأن الصدق لن يضرك وأن الكذب لن ينفعك سبب أكيد بإذن الله تعالى في مدافعة هذا الخلق الذميم.
أما الافتخار فمما يعينك على تجنبه أن تدرك يقينًا أيها الحبيب أنه ليس في الإنسان شيء يستحق أن يفتخر به على الآخرين، فإن كل ما حباه الله عز وجل وأعطاه ليس باكتسابه هو لو لم يتفضل الله تعالى عليه، سواء كان ذلك صفات خلقية خُلقية، أو مكتسبة من مال أو جاه أو غير ذلك، فكل ذلك بفضل الله تعالى وليس بجهد الإنسان وحده، فليس فيه ما يدعوه أن يفتخر على أبناء جنسه، وهذه الحقيقة هي التي ذكّرنا الله تعالى بها في كتابه: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
الرئيسية 
